رحلوا ولم نرتوي من نهر حبهم
هكذا هي الدنيا تجول بنا وتاخذنا من مكان إلى مكان نتنقل فيها بين البراري والبحار والأدوية والهضاب
فعندما تشرد بذهنك للحظات وتتذكر جزء من الذكريات الخالدة في دنياك فإنك لن تنسى من رحل وارتحل عنا فإنك تسكب العبرات وتنزل الدمعات وتنهمر غزيرة على الوجنات عندما تتذكر من فارقوا دنيانا سريعا فالموت وبشكل عاجل باغت احلامنا في اشخاص ودعونا في لحظة في غمضة عين
لم نرتوي من نهر حبهم
ولم نشبع من كريم اخلاقهم
ولم نهنا بلذة قضاء الوقت معهم
ودعنا أناس كنا نسامرهم ونسرح معهم بطيب الكلام وجمال الأخلاق
أحببناهم من قلوبنا
لاتزال أصداء رواياتهم وقصصهم بداخلنا في عقولنا في مسامعنا في جل أوقاتنا
اتذكر لحظات الفرح معهم أشاهد نظراتهم ترسم الأمل فيني وتبعث الارتياح لي، لم تفارقني تلك اللحظات الجميلة حتى بعد رحيلهم
لازالوا بالذاكرة فهم لم يغيبوا أبدا عنا فهم متواجدون بالخاطر نتسلى بالذكرى معهم
نسرح بخيالنا الواسع
في تجدد ذكراهم
فقدنا أناس قريبين من اجداد وجدات وأهل واصدقاء وجيران
ذهبوا وودعونا وتركوا لنا الكثير من نبضهم وحبهم وحنانهم فهي تغمرنا وتسلي خواطرنا ونستانس بالخيال عند تذكرهم فلهم منا الدعاء بالمغفرة والرحمة تظلهم وتؤنس قبورهم وهذا اقل شيء نقدمه لهم فالدعاء يصلهم بحول الله كما جاء بالحديث الشريف عن المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام قال :إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية، اوعلم ينتفع به، أو ولد صالح يدعوا له،، رواه مسلم
في خيالي لاتزال ذكرى وفاة أربعة من أبناء عماتي في فترة قصيرة رحلوا فجاءة لم أصدق خبر وفاتهم حيث وصل لي خبرهم كالصاعقة فلم أصدق الخبر وقتها لكنها هي الدنيا وهي اقدار الله المكتوبة لم يكن هذا النبأ الحزين بالنسبة لي بالأمر العادي فهولاء ارتبط معهم بعلاقة مميزة فلن انسى المواقف والقصص التي سجلتها معهم فالمواقف المتعددة التي حضرت وخاصة في نهاية أيامهم
فكنت مرتبط معهم في اغلب الأوقات فبعد رحيلهم وعندما اكون في وقت سكون وهدوء وخلوة مع النفس اسرح بخيالي شوقا ولهفة للقياهم
اتسمر لاحاديثهم وقصصهم وعبرهم
أدخل في مغبات الحزن والاسئ لأنني لم اهنا بهم ولم ارتوى من مجلسهم
كنت امني النفس للاجتماع بهم والحديث والانس بهم أطول وقت ممكن
فكانوا هم الشمعة التي تضي لي الدنيا جمالاً وسحرا
فصدق المشاعر هو ديدنهم
فدقات قلبي تنبض بالحب لهم لجمال روحهم وطيبة قلوبهم ونقاؤهم
رجال قد احببتهم وسامرتهم واستمتعت بكريم طباعهم وروحهم المليئة بالحب والإرتقاء
فقدتهم سريعا فالموت باغتهم في عز شبابهم
رحلوا عن الدنيا وبقت سيرتهم العطرة تؤنس حياتي عندما أشاهد ابناؤهم في بعض المناسبات وخاصة الصغار يعتصر قلبي حزنا قد تنهمر دمعاتي لكني اخفيها قدر المستطاع فمرارة فرقاهم هي أصعب لحظات العمر
قد اسرح بالذاكرة عند مشاهدة هؤلاء الأبناء في استرجاع ذكريات اباؤهم فا اكون شارد الذهن في عالم آخر اعيش على صدى الذكريات الخالدة التي سطرها من ارتحل عنا وجعلنا نعيش على الذكرى فقط
نستلهم بأن الحياة قصيرة وان الأجل سريع يحيط بنا
فالموت هو الحقيقة التي نتغافل عنه ولم نستعد له حتى هذه اللحظات
وعلينا محاسبة أنفسنا والاستعداد ليوم الرحيل
فالموت يأتي بغتة بدون ميعاد
فهل نستوعب قصر اعمارنا ونستعد للقاء ربنا بالعمل الصالح والتوبة من الآن وعدم التسويف
في الختام لهم مني كل الدعوات بالرحمات تنزل على قبورهم
دعوات تؤنس وحشتهم
دعوات بتبديل سيئاتهم حسنات ويغسلهم الله بالثلج والبرد وينقهم من الخطايا والذنوب كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وان يجعل ماقدموه من أعمال جليلة رفعة لمنزلتهم واجعل الفردوس الأعلى من الجنة دارهم ودارنا واجمعنا ووالدينا ووالديهم واخواننا واخواتنا وارحامنا واقاربنا وجميع من أحببناهم فيك ومن أحبنا فيك في مستقر رحمتك مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا إنك قريب سميع مجيب الدعاء
للكاتب في صحيفة الأفلاج الإلكترونية
أ. راشد القنعير