أهكذا غَابَت الأقْمَار والكَواكَب الدُّر… فلا بَدرٌ يُضِيء ولا سُهَيل بَدَا، ولا زُحَلُ
أهكذا غَابَت الأقْمَار والكَواكَب الدُّر... فلا بَدرٌ يُضِيء ولا سُهَيل بَدَا، ولا زُحَلُ
صباح يوم ساد فيه الصمت... والتَّوَجُّس والتَّرقُب... وصلني خبر أقَضَّ مضْجعي وأطار النوم من مُقْلَتي... وشتَّتَ الخبر ذهني... بفَقْد عَلَمٍ من أعلام الأمة... شيخ تَهَابُه عندما تَرَاه... وتُحبُّه عندما تَلقاه... وتشتاق إليه عندما تَغيب عنه... يَأْسِرك بمنطقه العَذْب الحكيم... وبلفظه المُشْرق البَيِّن... وبحجَّته الواضحة... صافية المنَبْع... منبع الهدى والرشاد.. (الكتاب والسنة)... عندما تلقاه يستولي على فؤادك بوجهٍ بًشُوش... تعلوه البسمة والبِّشْر... ويسألك عن حالك وعن أهلك وعن كلِّ مايخصك... أيًّا كنت... ويحدثك حتى تظن أنك أحب الناس إليه فيدخل إلى قلبك بلا استئذان... فتحبُّه وتُجِلُّه... ثم يدعو لك بدعوات كالغَيْث العَذْب وقَتَ نُزوله... فتُودِّعه وقلبك يَحنُّ إليه...
فكم من مرة جلست إليه وتعلمت من علمه وسَجَايَاه... واستمعت إلى لذيذ خطابه ونصحه وإرشاده ... فكنتُ أسْعَدُ أيَّما سعادة بمثل هذا اللقاء... وكنت أحرص على لُقيَاه وأزوره متى سَنَحتْ لي الفرصة... وقد أهديته بعض كتبي فأُعجب بها ودعا لي وشكرني (رحمه الله) وأذكر منها كتابي(تتجافى جنوبهم عن المضاجع).
شيخ تَمثل بسنة الحبيب (صلى الله عليه وآله وسلم) في حياته... فما حضرتُ مناسبة عزاء إلا وجدته قد سبق إليها مُتَصدرا المجلس يَعِظُ ويُعزِّي أهل المصاب... ويتلطَّف معهم ويدعو لهم ولميتهم... فيدخل السرور على القلوب... وأما عن صلاة الجماعة فله قَصَبُ السبق في ذلك... ولا تفوته وإن كان ماكان... ويُذكِّرُك بحال السلف وبقولهم (رحمهم الله) (وإن كان الرجل ليُؤْتَى به يَتَهَادى حتى يُقَام في الصَّف ) فهاهو يُؤتَى به على كرسيه المتحرك الذي يشبه السرير... فيصلي ويصف مع المصلين، جمعة كانت أو وقتا من أوقات الصلاة... ولم تمنعه تلك الألام والأوجاع واستمرارها سنين عددا من أن يحضر لصلاة الجماعة..
قمر شَعَّ وغاب نُوره عن الكون... ولَفَّه قبر بين الثرَى... وانطفأ السِّراج الوهَّاج في ليلة ظَلماء... كان نوره يسري ويهدي السَّاري طريق الحق والرشاد.. وأظلمت سماء الأفلاج بغياب علم من أعلام الأمة؛ عِلماً وتَقوى وزهدا وورعا وسيرة حميدة...
وإن القلب ليتفطَّر حزنا على فراق شيخنا العلامة راشد بن علي آل زنان رحمه الله رحمة واسعة، وإن العين لتدمع على فراق كَوكَبٍ دُرِّي في سماء محافظة الأفلاج سنين عددا... كان نَيِّرا مُشِعًا بالخير والعلم والإصلاح والقدوة الحسنة، ولا نقول إلا مايرضي ربنا، وإنا لله وإنا إليه راجعون... وإنا على فراقك ياشيخنا لمحزونون...
وإن كان غاب عنا حِسُّه وصوته وصورته؛ وقد غيبه الثرَى... والتَحَفَ القبر لِحَافًا حتى لايُرى؛ فإن لنا ولجميع أهله وأبنائه وطلابه السَّلْوة في ذِكْره العَبِق... وسيرته الحميدة... وصَدَى أخلاقه الفَرِيدة... وعلمه الواسع... وما ورثَّ من علم نَافِع...
وقد سبقه كَواكِبٌ في المغِيب... كانت تُظلل سَماء محافظة الأفلاج وتَسْطَع وتُضيء الديَاجِي الغَياهِب بالأخلاق الندية... والعلم النافع الثجَاج... فمنهم علم من أعلام العتيق؛ الشيخ سعد بن حمد العتيق، وعلم من أعلام الخرعان؛ الشيخ إبراهيم بن محمد الخرعان، وعلم ومن أعلام الدرعان؛ الشيخ درعان بن عبد الرحمن الدرعان، وعلم من أعلام المواش؛ الشيخ ناصر بن عمر المواش بقية السلف الصالح... فغفر الله لهم جميعا، وأجزل لهم المثوبة على مابذلوا وعلموا وأفتوا وقدموا القدوة الحسنة بالقول والعمل وجمعنا بهم مع نبينا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
كانت هذه الكلمات على إثر فقدنا لوالدنا وشيخنا العلامة راشد بن علي آل زنان رحمه الله وعفا عنه وجميع المسلمين.
18/12/1441هـ
محمد بن سعد آل زعير
09/08/2020 1:17 م
محمد بن سعد آل زعير
1
9141
وصلة دائمة لهذا المحتوى : https://alaflaaj.com/articles/198495663/
التعليقات 1
1 ping
ابو محمد٤٤٥٥
09/08/2020 في 3:02 م[3] رابط التعليق
جزاك الله خيرا على ما عبرت به من صدق المشاعر الطيبة تجاه شيوخنا واعلام محافظتنا منابر العلم والمعرفة والصدق العقيدة نحسبهم والله حسيبهم فمهما كتب عنهم فلن نوفي بحقهم جمعنا الله واياهم ووالدينا في الفردوس الاعلى من الجنة